منذ ما يزيد على المائة عام وتحديداً عام 1909 صدر الفرمان العثماني بتنصيب سماحة الشيخ مصطفى نجا مفتياً لبيروت والذي ولد عام 1852 وكانا عالماً تقيّاً ورعاً وتاجراً صادقاً، ويعيش من تجارة (النيل) المستعمل في تبييض الغسيل وكان يصرف راتبه الشهري على الفقراء والمساكين ومنذ تولّيه منصب الإفتاء وهو يرفض اكتساب المغانم له ولأفراد عائلته ، حتى أنه كان يرفض زيادة راتبه الشهري في العهدين العثماني والفرنسي لأنه على يقين أن هذه الزيادة ستؤدّي إلى فرض الضرائب على المساكين من أبناء بيروت، ولما قام جمال باشا بإعدام الشباب اللبناني عام 1915 رفض إعطاءه الإذن والحق الشرعي ورفض التوقيع على قرار الإعدام . والشيخ مصطفى نجا هو من مؤسسي جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية وكان رئيساً لدار الأيتام الإسلامية ، ورئيساً للمجلس الإداري لأوقاف بيروت وساهم في بناء الكثير من المدارس العلمية والدينية والمساجد ، وله رسائل إلى المندوب السامي الفرنسي حول ضرورة تدريس العلوم الدينية في المدارس ، وكان له رأيه في تسمية الشوارع في بيروت وكان له تصويباته وتصحيحاته عندما أرادوا إقرار الدستور اللبناني ، وكان يرفض بشدة إطلاق العيارات النارية في ذكرى المولد النبوي الشريف وعند حلول رأس السنة الهجرية ولا يحب إزعاج الناس والأطفال والأمهات بهذه المفرقعات فهذه المناسبات الرفيعة أسمى بكثير من نطلق فيها المفرقعات ثم ننساها وتمرّ كما تمرّ أي مناسبة وطنية، ونظراً لإسهاماته في بناء صروح العلم والمعرفة ولمواقفه المشرفة ، ولدروسه التي كان يلقيها في المسجد العمري الكبير فقد نال أوسمة عديدة عثمانية وفرنسية أهمها وسام التقوى والورع وعرض عليه المندوب السامي أن يكون مفتٍ للجمهورية اللبنانية فرفض متمثّلاً بقول الله تعالى : ( تلك الدارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين ) 83/ القصص . يضاف إلى الأيام الخالدة والمفصلية لتاريخ دار الفتوى أمران: أولهما: انتخاب الشيخ محمد توفيق عمر خالد مفتياً لمدينة بيروت بتاريخ 6/2/1932 خلفاً للشيخ مصطفى نجا الذي توفي بتاريخ 30/1/1932 وثانيهما: أنه بعد مرور خمسة أشهر صدر المرسوم رقم 291 تاريخ 9/7/1932 يتضمن أن مفتي بيروت يلقّب منذ الآن فصاعداً بمفتي الجمهورية اللبنانية.