أخبار دار الفتوى

سماحة أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية يلقي خطبة عيد الاضحى المبارك لعام 1439 هجرية

ألقى أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي خطبة عيد الأضحى المبارك في مسجد خاتم الأنبياء والمرسلين محمد الأمين صلى الله عليه وسلم في وسط بيروت وأم المصلين بحضور ممثل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الوزير جمال الجراح والنائبان فؤاد مخزومي وعدنان طرابلسي وسفراء دولة الكويت في لبنان عبد العال القناعي وسفير اليمن في لبنان عبد الله الداعس وسفير الجزائر في لبنان احمد بوزيان والسفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وسفير بنغلادش في لبنان عبد المطلب ساركير والقنصل القطري في لبنان علي العذبة ورئيس جمعية رجال الأعمال اللبنانية الهولندية محمد خالد سنو وممثل حركة حماس في لبنان علي بركة وقائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي ومدير العلاقات العامة في مكتب الرئيس الشهيد رفيق الحريري الحاج عدنان فاكهاني والأمين العام للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى القاضي خضر زنهور ورئيس مؤسسات المفتي الشهيد حسن خالد المهندس سعد الدين خالد ورئيس حزب النجاة مصطفى الحكيم  وعلماء وأعضاء من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وحشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والنقابية والعسكرية.

وقال أمين الفتوى الشيخ الكردي في خطبة عيد الأضحى : الحمد لله نحمده الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق الجهاد وتركنا على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يبتغيها الا سالك ولا يزيغ عنها الا هالك اللهم فصلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه  ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.

أما بعد:

فيقول الله عز وجل: “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”

         إنها أيام فرح وسرور بطاعة الله عز وجل، أيام الحج والعيد والذكر والتهليل  ففي هذه المناسك العظيمة التي أداها حجاج بيت الله الحرام نستحضر تلك الحكم العميقة التي تغير حياة الانسان نحو الخير والبركة والرحمة، وتعيده الى فطرته وانسانيته، وتجلي عن قلبه أدران الدنيا والذنوب والمعاصي،  قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”.

      ففي الحج نتعلم افتقارنا الى الله عز وجل وأننا عباد ضعاف نحتاج المدد منه سبحانه وتعالى، نتعلم أن نعود الى خالص إنسانيتنا وخالص تواضعنا. فذاك المشهد العظيم في الحج في الطواف وفي السعي وفي عرفة وفي مزدلفة ومنى حيث يجتمع حجاج بيت الله الحرام غنيهم وفقيرهم قويهم وضعيفهم رئيسهم ومرؤوسهم، جاؤوا من بلاد مختلفة ومن جهات متعددة

 قال الله تعالى: “وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق”، جاؤوا جميعا تلبية لهذه الدعوة المتجددة في سلسلة الأنيباء والممتدة في الزمان حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فيُختصر وجود الانسان في تلك الصورة البهية بعد الافاضة من عرفة وقد محيت الذنوب وكفرت الخطايا ونال الانسان منحة جديدة من العفو الرباني والصفح الرحماني.

 بلا ذنب ولا خطيئة ولا أوزار يرجع هؤلاء الى دورة الحياة من جديد ليكونوا أصحاب رسالة الخير والرحمة والعطاء والعمل الايجابي الصالح، فالحج ليس نسكاً يُؤدى وينتهي الأمر، انما هو تأهيل لهؤلاء الذين أُكرموا بهذا النسك العظيم ليرجعوا صالحين مصلحين، على الخير دالّين.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج” (رواه البيهقي).

 أيها الأحبة:

     إن رسالتنا في الحياة هي رسالة الرحمة التي جاء بها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وقد قال الله تعالى فيه:”وما أرسلناك الا رحمة للعالمين” ، هي رسالة حملها كل الأنبياء والمرسلين من سيدنا آدم الى نوح وابراهيم واسماعيل وموسى وعيسى إلى سيدنا محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين، هي رسالة الإيمان التي تختزن كل معاني الحب والسلام والعفو. فمشروعنا عمارة الارض بأبهى صورة وأعدل الموازين ، قال الله تعالى: “هو أنشأكم من الارض واستعمركم فيها” أي طلب منكم عمارتها، فحكمة وجودنا أن نعمر هذه الارض وان نحيا فيها برسالة الخير والعمل الصالح قال تعالى :” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.

في ظل كل هذه الصراعات التي يشهدها عالمنا المتحضر وأمام كل هذه النماذج القبيحة من الطمع والجشع وتضييع كرامة الانسان وإراقة الدماء وقهر الشعوب يبقى دور أهل الحق هو الدور الرائد قال تعالى:”وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون”.

وقال تعالى: من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”.

فالعمل الصالح المقترن بالايمان هو الضمانة  للنهوض وهو الذي تتحقق به السعادة الحقيقية، والعمل الصالح لا ينحصر في العبادات فقط بل ينسحب الى كل ميادين الحياة في السياسة والاقتصاد والفكر والتربية والحياة الاجتماعية، في كل هذه المحاور إن أصلحنا العمل وأتقناه وقدّمنا فيه المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وغلفناه بالأخلاق والخير تغيرت عندها منظومة الحياة المتعثرة وتطورت وسارت على إيقاع من الهدوء والصفاء والنجاح ، بالمقابل اذا فُقد العمل الصالح فقدت الحياة رونقها وصفاءها قال الله تعالى: “وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون”. “ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون”.

هناك العمل الصالح وهناك الإفساد في الأرض، وواجبنا ان نحيي العمل الصالح وندعو له ونسوقه وأن نطلق فن النصيحة. هكذا تبنى الحضارات وهكذا تبنى الأوطان، لا بالأحقاد ولا بالطمع ولا بالكراهية ولا بموالاة الظالم على حساب المظلوم ولا بتقديم المنفعة الخاصة على المنفعة العامة. هذا الذي يعلمنا إياه القرآن الكريم أن نكون أصحاب رسالة البناء والخير “ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير”.

       هذا القرآن الذي علمنا كل المعايير التي نرجع اليها، معايير الإيمان معايير الحب والجمال والعدالة الإنسانية، علمنا مفاهيم الرحمة والعطاء والعفو والتواضع هذا القرآن الذي فتح لنا أفق التواصل مع الآخر وأزال كل الحجب المصطنعة بين البشر ليكونوا على كلمة سواء، هذا القرآن الذي وجدنا  مع الأسف في زماننا بعض شذاذ الفكر وخبيئة الحقد من يغمزون في قناته ويتجرؤون بجهلهم على آياته تحت عناوين حرية التعبير والتساؤل.

أيها الاحبة:

     في موسم العيد هذا ومع فرحتنا لا ننسى قدسنا الشريف ولا أقصانا السليب فهذه الأيام توافقها ذكرى إحراق المسجد الأقصى الذكرى الأليمة على يد الصهاينة الغاصبين. فلنحول قوة هذا العيد الإيجابية وطاقة موسم الحج الكبيرة الى حضور فكري ويقظة قلبية وحس سياسي وإعلامي لدعم قضية فلسطين والمسجد الأقصى سائلين الله عز وجل أن يكرمنا بتحريره وأن يفرح قلوبنا به.

    إنه العيد أيها الاحبة عيد الأضحى المبارك، أكثروا فيه من التبسم، افرحوا بطاعة الله، أكرموا أباءكم وأمهاتكم، أفرحوا صغاركم، صلوا الأرحام وأطعموا الطعام، وصلوا الجيران وتوددوا للناس واكرموهم.

 اسأل الله عز وجل أن يبارك لنا في هذه الأيام وان يغفر لنا جميعا وأن يحفظ بلادنا وأن يجمعنا على الخير.

       وبعد إلقاء الشيخ امين الكردي خطبة عيد الاضحى توجه وممثل رئيس الحكومة الوزير جمال الجراح والعديد من الشخصيات إلى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث قرأ الفاتحة عن روحه الطاهرة ورفاقه الأبرار.

وكان ممثل رئيس مجلس الوزراء الوزير جمال الجراح قد اصطحب امين الفتوى الشيخ امين الكردي من دار الفتوى صباحا إلى مسجد محمد الأمين يرافقهما قائد شرطة بيروت العميد محمد الايوبي في موكب رسمي وقدمت ثلة من قوى الأمن الداخلي التشريفات في باحة المسجد للشيخ الكردي وللوزير الجراح.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق