أخبار مفتي الجمهورية

سماحة المفتي يبارك إعادة فتح كلية خديجة الكبرى وبعض مدارس المقاصد في القرى ويعلن حرص دار الفتوى على مُؤَسَّساتِ المُجتمعِ الأهليّ

أعلن رئيس جمعية المقاصد الدكتور فيصل سنو عن إعادة فتح كلية خديجة الكبرى في بيروت التابعة للجمعية وبقية المدارس في المناطق اللبنانية في طريقها الى الحل.

وبارك مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إعادة فتح كلية خديجة الكبرى وبعض المدارس في المناطق اللبنانية، متوجها بالشكر والتقدير لرئيس جمعية المقاصد وأعضاء مجلس الامناء على القرار الحكيم بإعادة فتح كلية خديجة الكبرى ومدرسة المقاصد في الصويري والقرعون، وقال: ان شاء الله سوف يتم فتح كل المدارس المقاصدية التي طالها قرار إقفالها المؤقت بحكمة وروية وهدوء وبعناية ولكن يحتاج الأمر الى الصبر

وجاء كلام المفتي دريان خلال رعايته حفل تخريج 373 طالبا وطالبة في الصفوف النهائية في ثانويات ومعاهد جمعية المقاصد  تحت شعار “فجر متجدد” بحضور ممثل رئيس مجلس الوزراء النائب رولى الطبش والنائبان فؤاد مخزومي وعدنان طرابلسي وأعضاء مجلس أمناء المقاصد وشخصيات اجتماعية وتربوية وذوي الطلاب.

استهل الحفل بدخول موكب المتخرجين والهيئة التعليمية، ثم بالنشيد الوطني وبعد تلاوة عشر من القرآن الكريم، ألقى رئيس جمعية المقاصد الدكتور فيصل سنو كلمة جاء فيها: فها هي بوادر العطاء والتضحية قد أطلّت، من المؤمنين بالمقاصد، ومن الداعمين لها، فسماحة مفتي الجمهورية يسارع إلى احتضانها، والتواصل مع أركان البلد لإقالة عثرتها، فيلبيه رئيس مجلس الوزراء وكذلك رئيس مجلس النواب، والوزراء المعنيون وزير التربية والتعليم العالي ووزير المالية، كما يستمع إليه القادرون والميسورون وكذلك بلدية بيروت، وهم اليوم ابتدأوا فعلاً بمدّ يد المساعدة الفورية لها. ونحن ننتظر الكثير أيضاً، فالضائقة صعبة، والدواء الشافي مرّ الطعم، ولن نتجرع المر بإذن الله.

أضاف: سنعيد افتتاح مدرسة خديجة الكبرى بناء على  تمنيات سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وعلى وعد وزير التربية مروان حمادة على إنهاء مشكلة صندوق التعويضات الذي سيجتمع يوم السبت، وبعد التداول مع مدرسة الصويري ومدرسة القرعون تبادلت الأفكار مع بعض الأخوة أعضاء مجلس الأمناء ونحن على طريق الحل بإذن الله وسنأخذ القرار بإعادة الافتتاح.

ولا زلنا نأمل بأن تتحرك اكثر بلديات ومكونات المجتمع المحلي في المدارس لتقديم يد العون ليتم إعادة فتح مدارس أخرى بإذن الله .

المقاصد تدعوكم إلى التوحد والتكاتف معها في مواجهة المشاكل، ومنها ما حصل مع مدرسة خديجة الكبرى، فلولا توحدكم وصوتكم لما وصلت هذه المشكلة إلى حل. نعم،  فلنساعد بعضنا البعض، مشاكلنا هي مشاكلكم، علينا أن نبقى متحدين لمواجهتها وحلها، وليس الركون إلى حل واحدة منها فقط

وتابع قائلا: مقاصديون نحن، لأننا صامدون ، تأسيساً على هذه الرؤية، وهذا الوفاء، وهذا الانتماء،140 سنة مرّت من حياة الوطن، فيها محطات متباينة، لم تخذل أحداً، بل تجاوزت وتابعت، فلولا كبار النفوس، وكرام القلوب والأيدي، ولولا التشجيع والمحبة، ولولا النقد، نعم النقد البنّاء، ما صمدت المقاصد، ولم تزل تصمد أمام تراجع الكثير، أمام استسلام الكثير، أمام إحباط الكثير، الصمود قوّة أمام التقهقر والضعف، ونحن سنبقى صامدين ومتابعين، نخطط للأفضل إن شاء الله، وبعد الصمود يجب التقدم، لأن من لا يتقدم يعني أنه يتأخر.

مقاصديون نحن، لأننا إيجابيون، واقعيون، شفّافون، ولسنا متشائمين، بل متأكدون أننا أقوى من الضعفاء والمتخاذلين، مقدامون بمسؤولية، ولو أحرجْنا البعض، فلا نجاح ولا  إنجاز ولا متابعة، بدون تضحية، من الجميع، من أجل الجميع.

وختم بالقول: أريد أن أطمئنكم جميعاً  في لبنان، وفي بلدان شبيهة به، هل كل شيء مباح للبيع والشراء، لا، لأن المؤسسات العريقة لا تُباع، المبادىء الصادقة لا تباع، التراث الذي يؤكد انتماءنا وتجذرنا في هذه الأرض وفي هذا الوطن، لن يباع، نعم المقاصد لن تبيع أرضاً ولا عقاراً، ولا مبادىء ولا أهداف،  ولن تسمح للسياسة المصلحية أن تتدخّل بينها وبين أهلها، أي بينها وبينكم أنتم، أنتم كلكم أيها المقاصديون.

يطلقون السهام على المقاصد، فنصبر رغم آلامنا، نحن كنّا الأم الرؤوم لهم، والحضن الدافىء لهم، واليد الممدودة لهم، سهامهم ستتكسر قبل أن تصل إلينا ولن تصل، شظايا الكلام القاسي ستضيع في فضائنا الواسع، الذي كان يسع الجميع  وسيبقى، كان يستقبلهم وسيبقى، كان ملجأهم وسيبقى، هذا عناد، نعم عناد في الحق، وسنتابع بإذن الله.

وتحدث راعي الحفل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان متوجها إلى الخريجين بالقول: اليومَ هُوَ يَومُ فَرْحَتِكُمُ الكُبْرَى فَلا تُنَغِّصُوها بِالاسْتِمَاعِ إلى كَلِمَاتِ السُّوءِ مِنْ هُنا أو هُناك . فَالمَقَاصِدُ بِخَير وَسَتَبْقَى بِخيرٍ إنْ شَاءَ الله رَافِعَةً رَايَةَ الإسلامِ المُعتدِل وَالتَّربِيَةِ الوَطَنِيَّةِ السَّلِيمَة وَالعُرُوبَةِ الصَّافِيَة وَالأُخُوَّةِ الإنسَانِيَّة .

تَتَخَرَّجُونَ اليومَ في المَقَاصِد ، وَلَكِنْ لا تَخْرُجُونَ مِنْهَا . لا أَحَدَ يَخْرُجُ مِنَ المَقَاصِد . إنَّها لَحْمُنَا وَدَمُنَا . كانتْ تَارِيخَنَا المُشْرِقَ في هذا الوَطَن، وَسَتَبْقَى أبَداً إنْ شاءَ اللهُ مُستَقْبَلَنَا الذي نُرِيدُهُ أكْثَرَ تَشْرِيفاً ، مَعَكُمْ وَمِنْ خِلالِكُم، رَافِعَةً رَايَةَ الإسلامِ المُعتَدِلِ السَّمْحِ وَالعُرُوبَةِ الصَّافِيَة، وَعَامِلَةً دائماً وَأبَداً على التَّرْبِيَةِ الوَطَنِيَّة، وَالعَيشِ المُشْتَرَك، مُنْصَبَّةً دَائماً وَأَبَداً أيضاً على العِلمِ الحَدِيث، وَالمَعَارِفِ الإنْسَانِيَّةِ المُتَطَوِّرَة .

صَحِيحٌ أنَّ المَقَاصِدَ تُوَاجِهُ مَصَاعِبَ مَالِيَّة.. وَلكِنَّ رِسَالَتَهَا فَوقَ هَذِهِ المَصَاعِب . وَالذينَ يُؤْمَنُونَ بِهذِهِ الرِّسَالة ، وَيَحْرِصُونَ عليهَا مِنْ أَهْلِ الوَفَاءِ في لُبنان ، وَمِنْ أَهْلِ الخَيرِ خَارِجَ لُبنان ، لنْ يَتْرُكُوا لِمَوْجَةٍ عَابِرَةٍ أنْ تَجْتَاحَ سَفِينَةً شَامِخَةً عُمْرُها مِئةٌ وأربعونَ عاماً .

إنَّ أُسْرَةَ المَقَاصِدِ هي أُسْرَةُ مُسْلِمِي لُبنان وَهِيَ وَاحِدَةٌ مِنَ الأُسَرِ المُتَعَدِّدَةِ في لُبنان التي تُشَكِّلُ في تَعَدُّدِهَا شَعباً واحداً.

المَقَاصِدَ قَلعَةٌ صَامِدَةٌ بإِذنِ الله. وَأنَّ لِلْمَقَاصِدِ رَبّاً يَحْمِيهَا ، كَمَا كَانَ يَقُولُ الرَّئيسُ الرَّاحِلُ صائب سلام ، وأنَّ لها مُؤْمِنِينَ بِرِسَالَتِها ، وَفِي مُقَدِّمَةِ هَؤُلاء، خَادِمُ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَين، المَلِكُ سَلْمَانُ بْنُ عبدِ العَزِيز، الذي مَا إنْ عَلِمَ بِالصُّعُوبَاتِ المَالِيَّةِ التي تَمُرُّ بِهَا الجَمْعِيَّة، حتَّى قَرَّرَ المُبَادَرَةَ إلى مُسَاعَدَتِهَا .

فَشُكْراً لِخَادِمِ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَين ، وَشُكْرًا لِلمَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعودِيَّةِ على كُلِّ مُبَادَرَاتِها الخَيرِيَّة، التي نَذْكُرُهَا دَائماً بِالشُّكْرِ وَالثَّنَاء، كما نشكر دولة الإمارات العربية المتحدة على وقوفها إلى جانب مؤسساتنا . وَشُكْراً لِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ بِرِسَالَةِ المَقَاصِد ، وَالدَّاعِمِينَ لها .

أُحَذِّرُ مِنْ تَفْرِيغِ الشَّرقِ الأوْسَطِ مِنَ المَسِيحِيِّين . ذلكَ أنَّهُ لنْ يَكُونَ هُناكَ شَرْقُ أَوْسَطٍ مِنْ دُونِ المَسِيحِيِّينَ الشَّرْقِيِّين ، الذينَ نَتَعَايَشُ مَعَهُمْ في وَطَنٍ وَاحِد . وَنَتَقَاسَمُ مَعَهُمْ رَغِيفَ الخُبْز ، وَنَتَنَشَّقُ مَعَهُمْ هَوَاءً وَاحِداً . فَمَصِيرُهُمْ وَمَصِيرُنا وَاحِد .. مَعاً نَكُونُ أوْ لا نَكُون .

ونجدد دعوتنا للمَسِيحِيِّينَ إلى التَّجَذُّرِ في أَوْطَانِهِمْ، وَإلى عَدَمِ الاسْتِجَابَةِ تَحْتَ أيِّ ظَرْفٍ مِنَ الظُّرُوفِ الضَّاغِطَةِ، وَالعَابِرَة، إلى الهِجْرَةِ مِنْها . وَشَارَكَنَا الأَزْهَرُ الشَّرِيفُ في هذه الدَّعْوَة، حَيثُ جَرَى إِسْقَاطُ مَقُولَةِ الأَكْثَرِيَّةِ وَالأَقَلِّيَّة، وَرَفْعُ لِوَاءِ المُوَاطَنَةِ وَالمُسَاوَاةِ في الحُقُوقِ وَالوَاجِبَات.

فإذا كانَ تَهْجِيرُ المَسِيحِيِّينَ على يَدِ حَفْنَةٍ مِنَ المُتَطَرِّفَينَ الإرهَابِيِّينَ جَرِيمَةٌ بِحَقِّنَا جَمِيعاً ، فإنَّ تَشْجِيعَهُمْ على الهِجْرَة ، وَتَسْهِيلَ إِجْرَاءَاتِ هَذِهِ الهِجْرَة ، يُشَكِّلُ جَرِيمَةً أَكْبَرَ، بِحَقِّنَا جَمِيعاً أيضاً.

ولابدَ في هذهِ المناسبةِ المقاصديةِ من أن نُنَاشِدُ جميعَ المَعنِيِّينَ بِالشَّأْنِ الحُكُومِيّ ، أنْ يَعْمَلوا على تَسْهِيلِ مُهِمَّةِ الرئيسِ المكلَّفِ بِتشكِيلِ الحُكومَة ، وَعَدمِ وَضعِ الشُّروطِ التي تُؤَخِّرُ عَمَلِيَّةَ التَّأْليف ، اِنْطِلاقاً مِنْ ذلك ، ندعو إلى حَسْمِ الجَدَلِ وَالتَّجَاذُبِ حَولَ الحَقائبِ الوَزَارِيَّة، فالأَوْطَانُ لا تُبنَى إلا بالتَّعَاوُنِ وَالتَّضَامُنِ وَالوَحْدَة، وَلا تُبْنَى بِالحِصَصِ وَالمَصَالِحِ الذَّاتِيَّةِ أوِ الفِئَوِيَّة ، وَنُطَالِبُ الجَمِيعَ بِالخُرُوجِ مِنْ مَوَاقِعِ التَّنَاحُر، وَالدُّخولِ جَمِيعاً إلى رِحَابِ الوَطَن ، وَتَعْمِيمِ ثَقافَةِ المُوَاطَنَة ، لِبِنَاءِ لُبنانَ الوَاعِدِ وَالمُنْتَظَر، لِقِيَامِ دَولَتِه، دَولَةِ المُوَاطِنِينَ جَمِيعاً، لا فَرْقَ بَينَ مُوَاطِنٍ وَآخَرَ إلا بِما يُقَدِّمُ لهذا البلدِ مِنْ وَسَائلِ الأَمْنِ والاسْتِقرِارِ وَالأَمَان.

إنَّ دارَ الفتوى، ستبقَى دَاعِمَهً لِمُؤسَّسَاتِ الدَّولة، وَمَشرُوعِ بِناءِ الدَّولة، ولها حِرْصُها الخَاصُّ على مَقَامِ رِئاسَةِ مَجلِسِ الوُزراء، وَبَقِيَّةِ الرِّئاساتِ والمَقامَات ، كما لها حِرْصٌ خَاصٌّ على مُؤَسَّساتِ المُجتمعِ الأهليّ كافة، وعلى وَجْهِ الخُصوص، الجمعيةَ الأعرق، جمعيةَ المَقاصِدِ الخيريةِ الإسلاميةِ في بيروت، لِمَا لها مِنْ دَورٍ إسلامِيٍّ وَوَطَنِيٍّ وَعُرُوبِيّ، ما يُقَارِبُ القَرنَ والنِّصف.

وباسم المتخرجين شكرت الطالبة هناء المعاز الهيئة التعليمية على رعايتها لهم، ثم وزع المفتي دريان وسنو الشهادات والدروع على الخريجين. واختتم الحفل بالنشيد المقاصدي.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق