استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي الذي قال بعد اللقاء: تشرفت اليوم بزيارة دار الفتوى، هذه الدار الوطنية الروحية العريقة، عنوان الاعتدال الوطني، كيف لا؟ وهي اليوم بريادة سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، حيث كان لنا جولة أفق واسعة عن الأحداث الأخيرة، أو فلنقل عن الخطابات السياسية التي بلغت سقوفاً غير مسبوقة في المرحلة الأخيرة، نقلت اليه طبعا أولا تحيات خاصة من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وقد بادلني سماحته كل الاحترام وكل المعزة لفخامة الرئيس.
قلت لسماحته إننا تفاجأنا واستغربنا السقف الذي بلغته الخطابات السياسية الأخيرة، العالية السقوف كما قلت. طبعا يعتبر فخامة رئيس البلاد ان الخطاب السياسي مباح فنحن في نظام ديمقراطي صونه سموه الحرية، ولكن في الوقت نفسه سقف الخطاب تحدده القوانين المرعية وفي مقدمتها وثيقة الوفاق الوطني والدستور، يعني اتفاق الطائف والدستور، حيث لا شرعية لأي سلطة وبالتالي لأي خطاب سياسي يناقد ميثاق العيش الواحد، ميثاق العيش المشترك. الحقيقة سقف، يوجد سقف ثاني أصرينا عليه لدى سماحة المفتي، وهو عدم نسب الكلام الى غير قائله، وتأسيس مواقف تصعيدية على هذا الكلام، ليس فقط ننسب كلام خاطئ، بل نؤسس مواقف تصعيدية عليه، بالرغم من التوضيح، وتأسيس هذا التصعيد يغلف ككلام باطل بغلاف ديني، وهذا الأخطر، وكنا متفقان سماحته وأنا على أن تغليف الكلام الباطل بغلاف ديني هو قمة النميمة والضغينة، لأن الدين لا يغلف كلام الباطل، الدين يجمع ولا يفرق، يقول الحق ولا يعترف بالباطل، لا دين للزيف في السياسة، كما لا دين للإرهاب، وقد أدنا طبعا الإرهاب الذي ضرب الأمن والجيش والآمنين في طرابلس، والذي لا دين ولا مذهب ولا طائفة لهم، نكرر ذلك، كما لا دين للفاسدين وهادري الأموال العامة، طبعاً تحت عنوان “مكافحة الفساد” من دون أي كيدية سياسية.
النقطة الأخيرة، تذكرنا سماحته وأنا، بعنوان “العهد العريض” العهد الرئاسي الحالي، عهد فخامة الرئيس العماد ميشال عون، الذي هو إنهاض مشروع الدولة بمفهومها ومقوماتها كافة، والحرص على ميثاق العيش الواحد، أي كل الذي حابب ان يلعب على وتر الطائف فليعزف عن هذه المعزوفة، اي ليس لنا يقال احترام او عدم احترام الطائف، لا، تعلق باتفاق الطائف الذي اصبح في جزء كبير منه دستور البلاد، والذي حلف فخامة الرئيس يمين الإخلاص له، وهو الوحيد بين المسؤولين الدستوريين الكبار الذي يحلف يمين الإخلاص له، وبالتالي نحن مؤتمنون، فخامة الرئيس مؤتمن على تطبيق الدستور الذي انتقلت مدرجات الطائف إليه، وعلى تطبيق سائر مدرجات الطائف التي أصبحت بمثابة تعهدات وطنية، هذا الأمر يجب أن يبت نهائيا.
تفريعات العنوان كثيرة: أهمها:
1- الاستقرار الداخلي بشقيه السياسي والأمني المتلازمين أصلاً، إدانة الإرهاب الذي ضرب الجيش والأمن والأمنين في طرابلس على ما قلت، ونحن على مشارف صيف واعد ان شاء الله.
2- الاقتصاد الاجتماعي والاقتصادي: لماذا؟ لأنه يوجد وظيفة اقتصادية أرادها فخامة الرئيس للموازنة، طالت جلسات الموازنة لأن فخامة الرئيس أصر على الوظيفة الاقتصادية للموازنة، وطبعا يلحقها انتظام ماليتنا العامة بإقرار مشاريع قوانين قطوعات الحساب والموازنة، والانتقال التدريجي على ما شرحت لسماحته من اقتصاد الريع الى الاقتصاد الإنتاجي الوحيد الذي يدافع عن بلدنا ومقدرات بلدنا.
3- حكم الأقوياء، توافقنا أيضا مع سماحة المفتي أدامه الله على تفسير واحد لحكم الأقوياء، حكم الأقوياء يا إخوان ليس إنشاء وليس كلام عبثي يقال، حكم الأقوياء هو مقتبس من وثيقة الوفاق الوطني. ماذا تقول الوثيقة؟ الوثيقة تتحدث عن الدولة المركزية القوية. بأي معيار؟ بمعايير أيضا تقول الوثيقة عن التمثيل الشعبي الصحيح وصدقية هذا التمثيل. إذن من هم الأقوياء؟ الأقوياء هم الذين بالتمثيل وبمعايير التمثيل الشعبي في مكوناتهم ينتقلون منها الى رحاب الوطن. طبعا هناك حكم للأقوياء، ومن هنا تفسير التفاهمات الكبرى، نحن نحبذ عبارة “التفاهمات الكبرى” على عبارة “التسويات” التي تحمل بطياتها التنازلات، ليس ملكنا الدستور لنتنازل، تفاهمات كبرى، ونحن نعتبر ان الانتخابات الأخيرة وفق القانون النسبي مع التفضيل أمنت الى حد بعيد التمثيل الصحيح، وأرست حكم الأقوياء، ونحن نعتبر ان الأقوياء في مكوناتهم هم على رأس السلطات الدستورية حاليا، وبالتالي نحن نحترم كل الصلاحيات، فخامة الرئيس حريص على تطبيق الدستور بالصلاحيات كافة، وفخامة الرئيس يعتبر ان رئيس حكومة لبنان هو الرئيس سعد الحريري حتما، وان الرئيس سعد الحريري هو الأقوى في بيئته بمعايير التمثيل، انتقل من بيئته ومن مكونه السياسي الى رحاب الوطن أجمع، وبالتالي الرئيس الحريري يتكلم باسم الحكومة اللبنانية، هكذا يقول دستورنا، بعد ان ترسم السياسات بما فيها السياسة الخارجية، وتتخذ القرارات بالنصاب وبأكثرية التصويت في مجلس الوزراء، هذا هو الطائف وهذا هو الدستور ونحن حريصون عليه.
وأخيرا، دعوني أؤكد على ما تداولنا به بموضوع حدة الخطاب السياسي. نحن في رئاسة الجمهورية تحديدا، هالها ما وصلت إليه السقوف العالية، وصمتها كان مدويا اكثر من أي كلام، لأنها كانت تستهجن السقوف العالية التي شرحت إطارها، وبالوقت نفسه نترك للأفرقاء السياسيين حل إشكالياتهم بداخل بيوتهم، سواء من كان منهم على أرصفة بيت الوسط أو خارج أرصفة بيت الوسط، ونحن نعتبر هذا المنبر منبرا للاعتدال الوطني ينفر بداره ومفتيه من كل كلام يحمل في طياته ضغينة أو كلاما مذهبيا حادا، سواء من ضمن البيت الواحد أو من خارجه، وبالتالي شراكة وطنية، عيش واحد، احترام دقيق للدستور وللطائف، الركون دائما الى سماحته وأمثاله من القادة الروحيين الذين هم من رموز الاعتدال الوطني، أمام هذه التحديات التي تحيط بنا وهي كثيرة، المطلوب اليوم الوحدة الوطنية بكل المفاهيم والمعايير.
سئل: كيف صف علاقة التيار الوطني الحر بتيار المستقبل اليوم؟
أجاب: طبعا، سؤالك كنت بانتظاره، دعني أقول أنا اعلم ان رئيس التيار الوطني الحر ورئيس تكتل لبنان القوي الذي انتمي اليه كوزير في الحكومة، هو حريص كل الحرص- وهذا ليس كلام إنشائي – على العلاقة التفاهمية الكبيرة، علاقة تفاهم كبرى مع الرئيس سعد الحريري، ومع تيار المستقبل، وقد عبرنا عن ذلك في اكثر من مفصل هام من حياتنا السياسية، وبالتالي عندما ينسب كلام سواء الى رئيس التكتل أو أي من أعضاء التكتل او رئيس التيار او أي من أعضاء التيار، يجب ان يُسأل دائما عن مصدره، التحقق من فحواه، واذا كان لا بد من الاستيضاح فالاستيضاح بالسياسة مسموح، وانا اليوم مهمتي كانت توضيح الأمور عامة ليس من باب التبرير ولا من الاعتذار، لأنه لا هذه من أخلاقه وشيمه، ولا من أخلاقنا وشيمنا، عند عدم وجود الخطأ. قدمنا لنشرح ونقول نحن مع الكلام السوي، وما يسري على فخامة الرئيس بالتأكيد يجب أن يسري على كل الفرقاء.
وردا على سؤال، قال: الحقيقة أنا قدمت اليوم بصفتي وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية، وكما قلت استأذنت الرئيس طبعا، ونسقت معه هذه الزيارة، وكان التمني عند الرئيس بأن أوصل بعض الرسالات المحددة الى سماحته، وقد تم ذلك بدقة متناهية. والتيار يتكلم عن نفسه، ولكن بالوقت نفسه لأني أنا بتكتل لبنان القوي شرحت ان التيار الوطني الحر اليوم لا يشعر بعقدة ذنب تجاه لا هذه الدار ولا لأهل السنة وطبعا لا للممثل الأقوى في لبنان أي تيار المستقبل ورئيسه، هو رئيس حكومتنا، ونحن في هذه الحكومة يا إخوان، لا يجب ان ننسى، يوجد حكومة في لبنان اسمها “حكومة الى العمل” يرأسها الرئيس سعد الحريري، ونحن ملتزمون بالتالي بدستورنا، برئاسة السلطة الإجرائية التي ناطها الدستور بالرئيس سعد الحريري، بالسلطة الإجرائية التي ناطها الدستور بمجلس الوزراء، وطبعا بالسياسة العليا لفخامة الرئيس الذي يحدد هو المصلحة العليا للبلاد.
أضاف: دعني أقول إننا الصوت الذي سمعناه والصوت الذي اقتبسناه والصوت الذي وجد إثرا لدينا هو صوت سماحة المفتي في خطبة العيد، منه انطلقوا وتعلموا لما أنا اليوم.
سئل هل ما صدر عن الرئيس الحريري من موقف في القمة بمكة المكرمة يمثل الدولة اللبنانية؟
أجاب: اعتقد ان كلامي لا يحمل التباس، كلامي السياسة الخارجية يحددها مجلس الوزراء، من يتكلم باسم الحكومة هو رئيس الحكومة، لن نعدل ونطور أو نحور دستورنا لملاءمة أي موقف.
سئل: هل ملتزمون باتفاق الطائف نصا وروحا؟
أجاب: ملتزمون باتفاق الطائف نصا وروحا كيف لا، وقد اقسم فخامة رئيس البلاد قسما باحترام الدستور وقوانين الأمة اللبنانية، وهو على قسمه، والكلام ليس بحاجة للتأكيد.