أخبار مفتي الجمهورية

بيان الجلسة الدورية للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى

عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى وناقش عدداً من القضايا الوطنية والإسلامية العامة، وصدر بيان تلاه عضو المجلس الشيخ فايز سيف الاتي نصه: توقف المجلس بصورة خاصة أمام استمرار الأزمة الاقتصادية – المالية وتعثّر محاولات معالجتها بما يعيد للبنان أمنه الاجتماعي واستقراره السياسي.

وفي ضوء هذا الواقع المؤلم والخطير، أكد المجلس على ما يلي:

أولاً: لا تستطيع دولة معالجة مشاكلها بمعزل عن الثقة بالشعب وبمؤسساتها الشرعية؛ وما لم تعمل الدولة على  استعادة ثقة الناس بها من خلال رؤية إنقاذيه وطنية شاملة ومترفّعة عن المكاسب الذاتية الخاصة، مادية كانت أو معنوية، فإن لبنان سيبقى يدور في دوامة من الاضطرابات التي تشكل خطراً على استقراره وعلى أمنه وسلامته .

ثانياً: لقد حان الوقت الذي يتحتم فيه أن يتقدم السؤال: ماذا علينا ان نقدم للوطن، على سؤال: ماذا يقدم الوطن لنا. فإنقاذ لبنان من هذه المحنة الخطيرة التي يواجهها هو إنقاذ للبنانيين جميعاً، ويتطلب إيثاراً وتضحيات وترفّعاً عن الأنانيات والمصالح الخاصة، كما ان الاستمرار في سياسة دفن الرؤوس في الرمال يجعل سفينة الوطن تغرق بكل من فيها.

ثالثاً: إن إهمال المساءلة والمحاسبة وضعف الضمير الوطني والانحدار الأخلاقي، كل ذلك أدى ويؤدي استمراره الى السقوط في دوامة الانهيار التي يعاني وطننا من نتائجها الكارثية الخطيرة. ولذلك فان المدخل الى إعادة الأمور الى نصابها، يستوجب أولاً وقبل كل شيء، استعادة الدولة لحقوقها ولوظيفتها، وفي مقدمة ذلك، استعادة حقها المطلق في أن تكون وحدها صاحبة القرار في السياسة والاقتصاد والأمن.

رابعاً: لقد استهلك الفساد قدرات لبنان وإمكاناته، مما يعرضه الآن لحالة من العجز عن الوفاء بالعهود والإيفاء بالتزاماته أمام المؤسسات الدولية. ولذلك يحتاج لبنان الى مساعدة من الأشقاء والأصدقاء لتجاوز هذه المحنة القاسية. ولكن ليس من المعقول أن نتوقع مساعدة ممن يُساء إليهم ظلماً وافتراءً .

إن تصحيح علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة يحتم العودة الى الثوابت الوطنية التي حدّدتها وثيقة الوفاق الوطني في الطائف حول الهوية والانتماء وبكل مندرجاتها، والتي أصبحت جزءاً من الدستور اللبناني الجديد .

خامساً : ان لبنان لا يفتقر الى العاقلين والحكماء من أبنائه المخلصين، ولكنه يحتاج الى توفير الفرصة أمامهم للعمل على إنقاذه مما وصل اليه نتيجة الفساد وسوء الإدارة وقصر النظر السياسي والثقافة الانتقامية، والحسابات الشخصية الخاطئة .

ولقد دفع لبنان ثمن ذلك باهظاً جداً الى ان انحدر الى ما هو عليه اليوم، ولذلك وجبت محاسبة الفاسدين وفتح آفاق جديدة وواعدة أمام الجيل الجديد من أصحاب الكفاءات العالية والنوايا الصالحة والأيدي النظيفة لإرساء قواعد لبنان الجديد .

سادساً : لقد خرج اللبنانيون من كل الطوائف والمذاهب، ومن كل الفئات الاجتماعية ومن كل المناطق الى الشوارع والساحات العامة يظللهم علم واحد، هو العلم اللبناني، مطالبين وعن حق، بوقف الفساد ومحاكمة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة واحترام الدستور والميثاق الوطني، مؤكدين إيمانهم بلبنان الغد، الذي يقوم على المواطنة الصالحة والعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان وحرياته. وهي أسس لا تقوم دولة إلا عليها ، ولا ينجح مجتمع إلا باعتمادها .

إن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وفي ظلمة المحنة التي يعاني منها اللبنانيون جميعاً، يؤكد ثقته بقدرة الشعب اللبناني على تجاوز هذه المحنة، وعلى التغلّب على الصعوبات التي يواجهها ليواصل حمل رسالته في الأخوّة الإنسانية والتعايش الوطني والسلام .

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق