أخبار مفتي الجمهورية

مفتي الجمهورية اللبنانية مترئساً جلسة الوفود المشاركة في افتتاح أعمال المؤتمر الإسلامي الدولي السنوي في القاهرة بعنوان : “صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”

ترأس مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان جلسة الوفود المشاركة في افتتاح أعمال المؤتمر الإسلامي الدولي السنوي في القاهرة بعنوان : ” صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي ” الذي نظمته الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم برعاية رئيس الجمهورية المصرية عبد الفتاح السيسي وحضور وزراء الاوقاف الإسلامية ومفتين وكبار العلماء في دول العالم.
وتحدث المفتي دريان عن الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي وقال: لا يُمكِنُ أَنْ تَقتَصِرَ الفُتْيَا على الأَمْرِ الظَّاهِرِيِّ، كَمَا هُوَ حالُ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيّ، لِمَا فيه مِنْ قُصُورٍ عَنْ حَقِيقَةِ الفَتْوَى وَأَسَاسِها، رغمَ التَّطَوُّرِ التَّكنولوجِيّ، وَالذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيّ، ولا يُمكِنُ لِجِهَازٍ جَامِدٍ أَنْ يَكُونَ بَدِيلاً عَنِ الشَّخْصِ المُولَجِ بِه إِصدَارُ تِلكَ الفُتْيَا، أَو أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّ المُفتِي بِإِطلاق .
أضاف: الذَّكَاءَ الاصطناعِيَّ لَهُ إِيجابِيَّاتٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعَمَلِ المُفْتِي، فدور الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ في مَجَالِ الإِفتَاء، يَنْحَصِرُ في الجَانِبِ الخِدْمِيِّ فَقَطْ مِنْ قَبِيلِ تَنظِيمِ المَعلُومَاتِ الشَّرعِيَّة ، وَتَيسِيرِ الوُصُولِ إلى النُّصُوصِ الفِقْهِيَّةِ المُعْتَبَرَة، وَتَصْنِيفِ الفَتَاوَى السَّابِقَة ، وَتحْلِيلِ البَيَانَاتِ الكُبْرَى المُتَعَلِّقَةِ بِالنَّوَازِلِ المُعَاصِرَة. كَمَا قَدْ يُعِينُ المُفتِي فِي أَعمَالِ التَّوثِيقِ وَالبَحْثِ المُقَارَن ، مِنْ خِلالِ سُرعَةِ الاسْتِرجَاع، وَتَحلِيلِ العَلاقَاتِ بَينَ النُّصُوصِ وَالأَقوَال، وَلِأَنَّ الفَتوَى لا تَقُومُ فَقَط على جَمْعِ النُّصُوصِ وَتَرتِيبِهَا، بَلْ تَتَطَلَّبُ نَظَراً اجْتِهَادِيّاً دَقِيقاً، يُراعِي ضَوَابِطَ الاسْتِنْبَاطِ الشَّرعِيّ، ويُحْسِنُ تِنزِيلَ الأَحكَامِ على الوَقَائع، وَيُدْرِكُ أَثَرَ الفَتوَى على السَّائلِ وَالمُجْتَمَع . وهذا مِمَّا يَستَدْعِي مَلَكَاتٍ عَقلِيَّةً وَرُوحِيَّةً لا تَتَوَافَرُ إلا لِلْمُفتِي البَشَرِيِّ المُؤَهَّل ، الذي يَجمَعُ بَينَ العِلمِ بِالشَّرْع، وَالخِبْرَةِ بِالوَاقِع، وَالقُدْرَةِ على تَحقِيقِ المُنَاط، وَاسْتِشْرَافِ العَوَاقِب.
وتابع: إنَّ الذَّكَاءَ الاصْطِنَاعِيّ، يَنْبَغِي أَنْ يُوَظَّفَ كَوَسِيلَةٍ مُسَاعِدَة، تَحتَ إِشرَافٍ عِلمِيٍّ مُبَاشِرٍ مِنَ الهَيئَاتِ الإِفْتَائِيَّة، وَالمُؤَسَّسَاتِ الشَّرعِيَّةِ المُعْتَبَرَة، لِضَمَانِ سَلَامَةِ مَا يُنْتِجُهُ مِنْ مُخْرَجَات، وَمَنعاً لِأَيِّ انْفِلَاتٍ قَد يُؤَدِّي إلى إِفسَادِ الدِّين، أَو تَمْيِيعِ أَحْكَامِه، إِنَّ التَّكَامُلَ بَينَ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ وَالمُفتِي البَشَرِيّ، يُمَثِّلُ المَسَارَ الأَمْثَلَ لِاسْتِثْمَارِ التِّقْنِيَّاتِ الحَدِيثَة، في خِدْمَةِ الشَّرِيعَة، مَعَ الحِفَاظِ على قُدْسِيَّةِ الفَتْوَى، وَصِيَانَةِ مَقَامِ الإِفتَاءِ مِنَ العَبَثِ أَوِ التَّحرِيف، وَبِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ الاسْتِفَادَةُ مِنْ مُنْجَزَاتِ التِّقْنِيَّةِ الحَدِيثَة، دُونَ الإِخلالِ بِالمَنْهَجِيَّةِ الشَّرعِيَّةِ الرَّصِينَة.
وختم: لا يُمكِنُ لِلذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ أَنْ يَكُونَ بَدِيلاً مُسْتَقِلّاً عَنِ المُفْتِي ، لكنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَدَاةً مُسَاعِدَةً لِلْمُفْتِي، شَرِيطَةَ الْتِزَامِ الضَّوَابِطِ الشَّرعِيَّة، عِندَ اسْتِخْدَامِهِ في الفَتْوَى.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق