أخبار مفتي الجمهوريةمؤسسات الدكتور محمد خالد الإجتماعية

سماحة المفتي:عندما يعرض الوطن إلى مخاطر يصبح الكل مسؤولاً عن حمايته

رعى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان حفل الافطار السنوي ل “مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية” التابعة لـ “دار الفتوى”، في قاعة المؤسسات في الاوزاعي، تحت شعار “ستون عاما من الخير وبرعايتكم نستمر”، في حضور ممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس تمام سلام وممثلين عن الرئيسين سليم الحص ونجيب ميقاتي، ووزراء ونواب وممثلين عن المرجعيات الاسلامية وحشد من الشخصيات.

وقدم الأطفال نشيد المؤسسات، وبعد تسليم الرئيس السنيورة والمفتي دريان باقتين من الورود.

استهل حفل الاافطار بترحيب من المدير العام للمؤسسات الشيخ احمد دندن، الذي قال: “منذ خمسة عشر عاما، وقفت على هذا المنبر لأرحب بدولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. واليوم اقف الوقفة نفسها، للترحيب بالرئيس سعد الحريري”.

وأكد ان “مسيرة المؤسسات يرعاها مفتي الجمهورية… بعينه وعقله وقلبه، وهو الذي كان مديرا عاما للمؤسسات، وقاد مسيرتها في أصعب الظروف الأمنية والاقتصادية”.

ثم ألقى المفتي دريان كلمة قال فيها: “إنه شهر رمضان، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، شهر التقى والورع، شهر تصفى فيه القلوب، وتسمو الأرواح، يخلد فيه المؤمن إلى ذاته، يحاسب نفسه ويسائلها عما قام به من خير، وما اقترف من ذنوب، ويطلب من الله الغفران والرحمة. هو شهر التوبة والاستغفار، والعودة إلى الله تعالى، والعمل بما أمرنا به ونهانا عنه، هو شهر الإحسان والتسامح، والدعاء إلى الله أن يغفر ذنوبنا، ويكفر عنا سيئاتنا، وينير طريقنا إلى سبيل الرشاد، ويلهمنا العمل بما يحبه ويرضاه، أن نكون فيه عونا للفقير والمحتاج، ونصيرا للمظلوم والمقهور، وملاذا للسائل والمحروم، أن نصل فيه أرحامنا، ونكون بررة بوالدينا، ويمن الله علينا برحماته ونعمائه”.

أضاف: “إنها إرادة الخير والعطاء التي تمثلت في رجل أغنى الله قلبه بالإيمان، وفتح أمامه أبواب الرزق والعمل، فاستجاب لنداء الحق، وسخر حياته لخدمة الناس، ومساعدة الفقراء، والدفاع عن المألومين، فأسس مؤسسات اجتماعية وطبية، جعلها في خدمة المرضى وغير القادرين، هو الدكتور المرحوم، محمد خالد، الذي عهد بها قبل وفاته إلى دار الفتوى، التي حفظتها ورعتها، وأكملت مسيرة صاحب الأيادي البيضاء، والتي نشهد لها في هذه الأيام انطلاقة مباركة وناجحة، في خدمة المرضى والفقراء واليتامى، وأصحاب الاحتياجات الخاصة. إنها مؤسسات الدكتور محمد خالد، مؤسسات إسلامية مباركة، راعية وكافلة، تحتضن الأطفال والأيتام، والحالات الاجتماعية، صحيا واجتماعيا ونفسيا وتربويا، وتقوم على رعايتهم وتنشئتهم والعناية بهم، وتتولى من خلال مستشفاها التأهيلي الطبي التخصصي، خدمات العلاج، وتأهيل المعوقين جسديا، وكذلك العلاج الفيزيائي، والبرامج العلاجية للمرضى، ناهيك عما يقدمه مركز عدنان ورائدة قصار، لرعاية أطفال الشلل الدماغي، من رعاية وتأهيل، لكي يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم، والاندماج في المجتمع. وإنها مؤسسات الدكتور محمد خالد، منارات خير من منارات الخير الكثيرة، التي تسطع في سماء وطننا، والتي تنير زوايا العتمة في مجتمعنا، وحياة عائلاتنا وأبنائنا، وتسعى إلى تخفيف آلامهم وأوجاعهم، وتفتح أمامهم سبل الأمل والرجاء، وتؤهلهم للتعلم واكتساب المعرفة، للتغلب على مشاكلهم وأوضاعهم الصعبة، وليتابعوا مسيرة حياتهم، وبناء مستقبلهم بما يكفل لهم حياة مستقلة وكريمة. فبوركت مؤسسات الدكتور محمد خالد، وبورك أهلها والعاملون فيها، ومجلس أمنائها، وجزاهم الله خيرا”.

وتابع: “إنها المؤسسات، أيها الإخوة، المؤسسات هي التي تبني، وهي المعتمد الأساسي لبناء المجتمعات والأوطان والدول، يذهب الأشخاص، والمؤسسات تبقى لتكمل مسيرة الحياة، دورنا أن نبني المؤسسات، ومجتمعنا الإسلامي رائد وقوي وكريم ومتبصر، بنى المؤسسات الاجتماعية والتربوية والتعليمية والصحية، والرعائية والإنسانية، وجعلها قبلة الأنظار، ورائدة في مجالات عملها ونشاطاتها، ومثالا يحتذى به في العمل والتضحية والعطاء، والأمثلة عليها كثيرة، وهي مؤسسات تاريخية، لها وجود تاريخي مشرق، في بناء المجتمع، والنهوض به، يكفي أن أذكر بينها، إضافة إلى مؤسسات الدكتور محمد خالد، على سبيل المثال فقط، جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، أم المؤسسات، ودار الأيتام الإسلامية، ودار العجزة الإسلامية، والمركز الإسلامي، من دون أن أغفل سائر المؤسسات الأخرى، المنتشرة على مساحة الوطن، التي نعتز بها كثيرا ونفتخر، والتي أعطت لمجتمعها وما زالت، الكثير الكثير، ولا يمكن أن ننسى أولئك الأخيار من رجالاتنا وعائلاتنا الذين دعموها ووقفوا إلى جانبها، وواكبوا مسيراتها الاجتماعية والإنسانية. ونحن مطالبون جميعا أن نستمر في دعمها ومواكبتها، ونتضامن معها، لكي تستقيم حياتنا، ويستقيم أمر مجتمعنا، ويكون مجتمع خير، ومجتمع أمن وأمان وسلام وعدالة، وهي، مع مثيلاتها تقوم بدور فعال في النهوض بالمجتمع والعائلات الفقيرة والمحتاجة، وتتعاون مع مؤسسات دار الفتوى، وستبقى دار الفتوى لها داعما ومشجعا ونصيرا وحافظا”.

وقال: “تعيش البلاد في أزمة اقتصادية ومالية، ويسود فيها جو من القلق والخوف على الأمن الاجتماعي، والأمان الحياتي والمعيشي، ينعكس سلبا على حياة اللبنانيين قاطبة، وعلى مستقبل أبنائهم. ويزيد الأمر سوءا التصريحات والمواقف السياسية المتشنجة والمتبادلة، التي لا توحي بالأمان، ولا تطمئن اللبنانيين على غدهم أو تفتح أمامهم أبواب الأمل والرجاء، وكل فريق سياسي يتنصل من المسؤولية، ويجهد في تحميل المسؤولية إلى الآخر. ونحن نقول للجميع، كلنا مسؤول، فعندما يتعرض الوطن إلى مخاطر اقتصادية أو مالية أو سياسية، يصبح الكل مسؤولا، ومطلوب من الجميع أن يبادر إلى الإنقاذ، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة، لإخراج البلاد من أزماتها، ولا عذر، وحل هذه الأزمة، يحتاج إلى مشاركة الجميع، وكل القوى السياسية والفاعليات الاقتصادية والمالية، والطاقات الإنتاجية، بما يحمي البلاد، ويحفز النمو، ويفتح أبواب العمل، ويقضي على البطالة، ويحقق الاستقرار المالي والاقتصادي، والأمان الاجتماعي والمعيشي، بحيث يحرص أولي الأمر ومن في يدهم القرار، على ألا تأتي الحلول على حساب الطبقة المتوسطة والفقيرة، فلم يعد لدى هذه الطبقة القدرة على مواجهة صعوبات الحياة ومآسيها، ولنحفظ لها، على الأقل، كرامة العيش، ولنعمل جميعا من أجل الخير العام، وصون كرامة المواطنين، والكرامة الإنسانية، لأن الكرامة الإنسانية هي من كرامة الوطن، ونحن من جهتنا، سنكون داعمين ومؤازرين لكل خطوة ومبادرة تتخذها الحكومة، ورئيسها، ولكل حل يكون الهدف منه إنقاذ البلاد من أزماتها، وتحقيق المصلحة العامة، والخير العام”.

وأكد ان “آمال اللبنانيين ما زالت معقودة ومعلقة على حكمة القيادات السياسية وتعقلها ووطنيتها، تأكيدا لمفهوم التكافل والتضامن الوطني، لكي تتعاون وتتفاهم مع بعضها، وتترفع عن المصالح الشخصية والفئوية والحزبية، وتفكر في المصلحة العامة، وتولي الناس اهتماماتها. فلقد عانى الناس كثيرا، وتألموا كثيرا، وتحملوا كثيرا، وصبروا كثيرا، ولم يعد في وسعهم أن يصبروا أكثر، وهم يستحقون منكم أن تفكروا فيهم، أن تفكروا بأسرهم، وتحرروهم من معاناتهم، وتحلوا مشاكلهم، وهي كثيرة، وتطمئنوهم على أمنهم وحياتهم ومستقبل أولادهم، وتصونوا كراماتهم، وتبدأوا بزخم وقوة، في الشروع بعملية الإنقاذ، متكاتفين متضامنين، ليعود لبنان وطن حرية وأمن وأمان، ووطن سلام، ووطن رفاهية ووئام، فهل هذا الأمر شاق عليكم، أن تعملوا من أجل الناس، وأنتم مكلفون، والسلطة بين أيديكم هي تكليف لا تشريف، ومسؤولية وأمانة، لا جاها ولا استعلاء، واللبنانيون يستحقون؟”.

وختم: “رمضان كريم، وكله خير وبركة، فاستفيدوا من خير رمضان وبركاته، وانهلوا ما استطعتم من تعاليمه ومبادئه ورضوانه، وافتحوا قلوبكم لكي يملأ رمضان بنوره قلوبكم، وارفعوا أكفكم بالدعاء إلى الله، لكي يلهمنا الخير، وينير حياتنا وأرواحنا، ويهدينا إلى ما فيه صلاح أمرنا، إنه نعم المولى ونعم النصير”.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق