الصلاة

شروط صحَّة الصلاة

معنى الشرط:

شرط الشيء كلّ ما يتوقف عليه وجود ذلك الشيء، وهو ليس جزءاً منه.

شروط صحَّة الصلاة:

1- الطهارة:

وهي تنقسم إلى أنواع، لا بدَّ من توفّر كل واحد منها لصحَّة الصلاة، وهي:

أ- طهارة الجسم من الحدث: فالمحدث لا تصح صلاته، سواءً كان الحدث أصغر _ وهو فقد الوضوء _ أو كان أكبر كالجنابة، لقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح: ” لا تُقبل صلاةٌ بغير طُهُور ” رواه مسلم.

ب- طهارة البدن من النجاسة: ودليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في اللذَينِ يعذَّبان في قبرهما: ” أمَّا أحدهما فكان لا يستبرئُ من البول ” رواه البخاري ومسلم.

ومثل البول كل النجاسات المختلفة الأخرى، قال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: ” فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدْرُها فاغسلي عنكِ الدَّم وصلِّي ” رواه البخاري ومسلم.

ج- طهارة الثياب من النجاسة: فلا يكفي أن يكون الجسم نقيّاً عن النجاسة، بل لا بدَّ أن تكون الثياب التي يرتديها المصلِّي نقيّة أيضاً عن جميع النجاسات، دليل ذلك قول الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} سورة المدّثّر؛ الآية: 4.

وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ خولة بنت يسار أتت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله، إنَّه ليس لي إلا ثوبٌ واحد، وأنا أحيضُ فيه، فكيف أصنع؟ قال: ” إذا طهُرتِ فاغسليه ثمَّ صلِّي عليه ” فقالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال:        ” يكفيكِ غسلُ الدم، ولا يضُرُّكِ أثرُهُ “.

د- طهارة المكان عن النجاسة: ويقصد بالمكان الحيِّز الذي يشغله المصلِّي بصلاته فيدخل في المكان ما بين موطئ قدمه إلى مكان سجوده، مما يلامس شيئاً من بدنه أثناء الصلاة، فما لا يلامس البدن لا يضرّ أن يكون نجساً. ودليل هذا الشرط أمره عليه الصلاة والسلام بصبِّ الماء على المكان الذي بال فيه الأعرابي في المسجد، رواه البخاري. وقياساً للمكان على الثوب، لأنَّ المكان كالثوب في ملامسة البدن.

2- العلم بدخول الوقت:

لكل من الصلوات المكتوبة وقتاً معيّناً، يجب أن تقع فيه.

غير أنَّه لا يكفي أن تقع الصلاة في الوقت، بل لا بدَّ أن يعلم المصلِّي ذلك قبل المباشرة بالصلاة، فلا تصحّ صلاة من لم يعلم دخول وقتها، وإن تبيَّن له بعد ذلك أنها صادفت وقتها المشروع.

كيفية معرفة دخول الوقت:

ويعرف دخول وقت الصلاة بوسيلة من الوسائل الثلاثة التالية:

  • العلم اليقيني: بأن يعتمد على دليل محسوس، كرؤية الشمس وهي تغرب في البحر.
  • الاجتهاد: بأن يعتمد على أدلّة ظنيّة ذات دلالة غير مباشرة، كالظل، والقياس بالأعمال وطولها.
  • التقليد: إذا لم يمكن العلم اليقيني أو الاجتهاد، كجاهل بأوقات الصلاة ودلائلها، فيقلد إمَّا العالم المعتمد على دليل محسوس، أو المجتهد المعتمد على الأدلة الظنيّة.

حكم صلاة من صلَّى خارج الوقت:

إذا تبين للمصلِّي أنَّ صلاته قد وقعت قبل دخول الوقت تعتبر باطلة وتجب إعادتها، سواء كان معتمداً على علم أو اجتهاد أو تقليد.

 

3- ستر العورة:

هذا هو الشرط الثالث من شروط صحَّة الصلاة، ولا بدَّ لمعرفة هذا الشرط من بيان الأمور التالية:

  • معنى العورة:

يقصد بكلمة العورة شرعاً: كلّ ما يجب ستره أو يحرم النظر إليه.

ب- حدود العورة في الصلاة:

حدودها بالنسبة للرجل:  مابين السرَّة والركبة، فيجب أن لا يبدو شيء منه في الصلاة.

وحدودها بالنسبة للمرأة: كلّ ما عدا الوجه والكفين، فيجب أن لا يبدو شيء مما عدا ذلك في الصلاة.

قال  الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ …} سورة الأعراف؛ الآية: 31.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: المراد به الثياب في الصلاة. وروى الترمذي وحسَّنه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:” لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار “.

ج- حدود العورة خارج الصلاة:

* حدود عورة الرجل: ما بين السرَّة والركبة بالنسبة للرجال أيَّاً كانوا، وبالنسبة لمحارمه من النساء.

أما عند النساء الأجنبيات فما عدا الوجه والكفَّين على المعتمد، أي لا يجوز للنساء الأجنبيات أن ينظرن إلى ما عدا وجه الرجل الأجنبي وكفَّيه، فإن كان النظر بشهوة حرم بالنسبة للوجه أيضاً. قال الله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ …} سورة النور؛ الآية: 31.

* وحدود عورة المرأة: عند النساء المسلمات ما يبن سرَّتها وركبتها. أما عند الغير مؤمنات فما عدا الذي يظهر منها لضرورة القيام إلى عمل ما كخدمة البيت ونحوه.

وأما عند الرجال المحارم لها: فما بين السرَّة والركبة، أي فيجوز لها أن تبدي سائر أطراف جسمها أمامهم بشرط أمن الفتنة وإلا فلا يجوز ذلك أيضاً.

قال الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ} سورة النور؛ الآية: 31.

وأما عند الرجال الأجانب فجميعها عورة، فلا يجوز لها أن تكشف شيئاً من بدنها أمامهم إلا لعذر، كما لا يجوز لهم أن ينظروا إليها إن كشفت شيئاً من ذلك.

قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ  …} سورة النور؛ الآية: 30.

وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُصلِّي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات، مُلتَفِعَات في مُرُوطِهِنَّ، ثمَّ يَرْجِعنَ إلى بيتِهنَّ، ما يَعرفُهُنَّ أحدٌ.

أما حالات جواز كشف العورة والنظر إليها لعذر:

  • عند الخِطبة لأجل النكاح، فيجوز النظر إلى الوجه والكفَّين.
  • النظر للشهادة أو المعاملة، فيجوز النظر إلى الوجه خاصة، إذا كانت هناك حاجة لمعرفة تلك المرأة، ولم تعرف دون النظر إليها.
  • من أجل التطبيب والمداواة، فيجوز كشف العورة والنظر إليها بقدر الحاجة. روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ” أنَّ أمَّ سلمة رضي الله عنها استأذنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّّم في الحجامة، فأمر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أبا طيبة أن يحجمها “. ويشترط أن يكون ذلك بوجود مَحْرَم أو زوج، وأن لا توجد امرأة تعالجها، وإذا وجد المسلم أو المسلمة لا يُعدَل إلى غيرهما.

 

4– استقبال القبلة:

وهذا هو الشرط الرابع من شروط صحة الصلاة.

والمقصود بالقِبلة الكعبة المشرَّفة، بمعنى أن تكون الكعبة قبالته.

دليل وجوب استقبالها:

دليل هذا الشرط صريح قول الله تعالى: {… فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ …} سورة البقرة؛ الآية: 150.

تاريخ مشروعية استقبال القِبلة:

روى البخاري ومسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى نحو بيت المقدس ستَّة عشر أو سبعة عشر شهراً، وكان   رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُحبُّ أن يُوَجَّه نحو الكعبة، فأنزل الله تعالى: {قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ  …} سورة البقرة؛ الآية: 144. فتوجه نحو الكعبة.

وإذاً فإنَّ تاريخ مشروعية استقبال الكعبة يبدأ في أوائل هجرة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المدينة.

كيفية الاستدلال على القِبلة:

إمَّا أن يكون المصلِّي قريباً من الكعبة بحيث يمكنه رؤيتها إذا شاء، أو أن يكون بعيداً عنها بحيث لا يمكن رؤيتها:

أمَّا القريب منها: فيجب أن يستقبل عين الكعبة يقيناً.

وأمَّا البعيد عنها: فيجب عليه أن يستقبل عين الكعبة معتمداً على الأدلَّة الظنية، إن لم يمكنه الدليل القطعي.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق